· مقالات

"تساؤل مريب: هل تضيع حقوق الجامعة اللبنانية بين الإحتفال والتكريم؟"

الدكتورة سمر أدهم

EYE Contact لموقع

منذ يومين احتفلت شركة طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست) بمرور ثمانين عاماً على تأسيسها، وهي مناسبة تستحق التقدير في تاريخ مؤسسة وطنية عريقة. غير أنّ ما كان ينبغي أن يكون لحظة فخر واعتزاز، تحوّل إلى مناسبة تثير التساؤلات والمرارة في آنٍ واحد

حضر الإحتفال عدد من الشخصيات الرسمية، من بينهم السيدة الأولى نعمت عون، والسيدة رندى بري، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام وزوجته. وفي الظروف الطبيعية، قد يبدو هذا الحضور بروتوكولياً عادياً، إلا أنّ ما لم يكن عادياً هو تكريم رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت، وهو الطرف الذي يقف مباشرة خلف حرمان الجامعة اللبنانية من حقوقها المالية الناتجة من الـفحوصات العائدة لها، والتي تُقدَّر بخمسين مليون دولار

وما يزيد الإستغراب أنّ أحد قضاة ديوان المحاسبة أصدر قراراً واضحاً وصريحاً يمنح الجامعة حقها الكامل في هذا المبلغ، مؤكداً أنّ الأموال يجب أن تُعاد إلى مؤسستها الشرعية التي عانت طويلاً من الإهمال والتجويع. ومع ذلك، تبقى القضية طيّ النسيان، وكأنّ العدالة في لبنان تُطبَّق فقط على الضعفاء، وتتوقف عند حدود أصحاب النفوذ

ومن المفارقات المؤلمة أنّ معظم السياسيين السابقين والحاليين هم من خرّيجي الجامعة اللبنانية. وكان الأجدر بهم – بدلاً من التصفيق لرئيس مجلس إدارة الميدل إيست – أن يتذكّروا حقوق جامعتهم، وأن يضغطوا لاستعادتها قبل الوقوف على منصّة التكريم. لكن يبدو أنّ ذاكرة بعض المسؤولين لا تنشط إلا عند المآدب والمناسبات، لا عند استحقاقات الحق والكرامة

إن تكريم شخص متورّط في التغاضي عن حقوق الجامعة اللبنانية وأساتذتها يُعدّ اعترافاً رسمياً بأن الفساد في لبنان لم يعد يُستحى منه، بل يُحتفى به ويُقدَّم على أنه إنجاز. فأي رسالة تُوجَّه إلى اللبنانيين حين يُكرَّم من ساهم في إضعاف مؤسستهم الوطنية، بدل أن يُسأل عمّا اقترفته يداه؟

لقد تحوّل التكريم في هذا البلد إلى وسيلة لتلميع الوجوه التي شوهها الجشع، وصار الإحتفال بالإنجازات غطاءً للتواطؤ السياسي. ومع ذلك، ما زال في هذا الوطن من يرفض التصفيق، ومن يؤمن بأن العدالة، مهما طال نومها، لا بدّ أن تستيقظ يوماً

وأخيراً، لا بدّ أن نشير إلى أنّ الجامعة اللبنانية حصلت مؤخراً على خمسة ملايين دولار فقط من أصل الخمسين، فيما لا يزال أفراد الهيئة التعليمية وكوادر الجامعة ينتظرون حصّتهم المتبقّية. فالمبلغ الوحيد الذي صُرف لهم كان بدل ثلاثة أشهر فقط من أصل عام كامل من فحوصات الـ ب.س.ر، وقد دُفع منذ خمس سنوات عندما وُعِدوا حينها بالحصول على مستحقّات العام كاملاً. واليوم، وبعد كل هذا الإنتظار، يأمل الأساتذة والعاملون أن تصلهم حقوقهم المتبقّية، احتراماً لجهدٍ قُدّم في أصعب الظروف، حين كان الوطن كلّه يمرّ في مرحلة استثنائية من الخوف والفوضى

وفي بلد اعتاد تزيين الظلم بالأضواء، يبقى استرجاع الحق هو الإختبار الوحيد لجدّية أي سلطة تدّعي الإصلاح