لِيَسمَعَ الفاسِدونَ… ولْيَعلَموا أنَّ يومَ الحسابِ آتٍ
د.ليون سيوفي – باحث وكاتب سياسي
EYE Contact لموقع
لم يَعُد السكوتُ فضيلةً ولا التغاضي حكمةً. لقد بلغَ الفسادُ في مؤسّساتِ الدولةِ اللبنانيّة حدَّ الوقاحة، حيث يعيشُ بعضُ موظّفي القطاع العام كالأمراء، في منازلَ فارهةٍ وسيّاراتٍ فاخرة، ويتنقّلون بين المصارف والحسابات وكأنّهم ورثوا خزينةَ الدولة عن آبائهم
كيف لضابطٍ أو قاضٍ أو مديرٍ عامٍّ أو موظّفٍ محدودِ الدخل أن يُشيّد قصورًا وفلل ومنازل ذات الخمسة نجوم وشاليهات في المنتجعات ، ويُهرّب الأموال إلى الخارج، ويُسجّلها بأسماء زوجته أو أولاده أو خدمه؟
أليس هذا هو الإثراءُ الحرامُ بعينه؟ أليست هذه جريمةَ خيانةٍ وطنيةٍ مقنّعة؟
لقد آنَ الأوان لأن يُفتح هذا الملف، لا على استحياء، بل بسكّين العدالة لا بالمجاملات فمن نهبَ المالَ العام، مهما كان اسمه أو رتبته أو مذهبه، سيُحاسب، وسيُجرّد من كلّ ما سرق، وسيمثُل أمام قضاءٍ لا يُشترى ولا يُهادن
إنّ أموال الشعب ليست ميراثًا شخصيًّا لأحد،كلُّ موظّفٍ عامٍّ راكمَ ثروةً تفوق دخله المشروع، وكلُّ مَن نقلَ أمواله إلى الخارج تحت أسماءٍ مموّهة، يجب أَن يُلاحَق ويجب ان يفتح هذا الملف، ولو بعد حين، ولو في ظلّ أي سلطة، لأنّ الزمن لا يُبطل الجريمة، بل يفضحها القرار الحتميّ بفتح شامل لملفّات الثروات منذ عام 1990 إلى اليوم، من الوزير إلى المراسل
رفع السرّية المصرفية الإجباريّة عن كلّ من شغَل منصبًا رسميًّا أو من استفاد من قربه،تجميد فوريّ لكلّ حسابٍ مشبوهٍ في الداخل والخارج،حجز احتياطيّ على العقارات والممتلكات التي لا تُبرَّر قانونًا،استرداد الأموال المنهوبة بالقوّة القضائيّة ووضعها في صندوق وطنيّ لإعادة بناء الدولة
لن تحميكم الطوائف، ولا الأحزاب، ولا التحالفات، ولا حتى الغُرف المظلمة التي صنعتم فيها ثرواتكمالمال المسروق سيُردّ إلى خزينة الشعب، ولو هُرّب إلى أقصى بقاع الأرض
ومن تواطأ معكم، من محاسبٍ أو كاتب عدلٍ أو موظّفٍ صغيرٍ ساعدكم على التمويه، سيدفع الثمن أيضًا
القضاة والأجهزة أمام امتحان التاريخ، إمّا أن يكون القضاءُ اللبنانيّ شريكًا في التطهير، فيستعيدُ ثقة الشعب، وإمّا أن يُصبح جزءًا من المنظومة المتّهمة، ويُحاكم يومًا كما يُحاكم الفاسدون
،سينتهى زمنُ التسويات، وسيبدأ زمنُ المحاسبة الصلبة، حيث لا تسقط الجرائم بالتقادم، ولا تُغسل الأموال المسروقة بالزمن
من سرقَ ليرةً واحدةً من مال الشعب، فقد سرقَ وطنًا كاملًا ومن تاجرَ بمنصبه، فقد خانَ شرف الخدمة العامة،ولْيعلم كلّ فاسدٍ مهما توارى خلف الألقاب والمناصب أنّ يد العدالة أطول من وهمه، وأنّ يوم الحساب قادمٌ لا محالة،وسيُعلَّقُ على جدار العار كلُّ اسمٍ خان الأمانة ونهب الوطن
إنَّ لبنانَ لن ينهض ما لم يُطهَّر بيتُه الداخلي، وما لم تُستردّ الأموال المسروقة إلى الشعب،كفانا ذلّ وشحادة .. لولا السَرِقة لكان لبنان من اهم الدول اقتصادياً ومالياً ، الأموالُ الّتي فُقِدَت من المصارفِ هي في جُيوبِهمْ
ولْيعلم كلُّ فاسدٍ أنّ زمن الإفلات من العقاب سينتهى، وأنّ العدالةَ ستطرقُ بابه مهما طالَ الليل