· مقالات

الشباب كمحرك للتنمية المحلية: طاقات متجددة لبناء المجتمعات

الإعلامية أنطوانيت علوان

EYE Contact لموقع

الشباب هم نبض المجتمع ووقود نهضته، فهم القوة الدافعة التي تدفع عجلة التقدم في مختلف المجالات. أصبح الشباب في عصر التحول الرقمي والاقتصاد المعرفي، يمثلون رأس المال البشري الذي تُقاس به قدرة المجتمعات على المنافسة والابتكار. لكن دور الشباب يتجاوز مجرد المشاركة في سوق العمل؛ فهم رواد التغيير وصنّاع الابتكار، خاصة في المجتمعات المحلية التي تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، مثل المناطق الريفية والنائية. هنا، تتجلى طاقاتهم الإبداعية وقدرتهم على تحويل التحديات إلى فرص

الشباب والتنمية المحلية: أدوار متعددة الأبعاد

ريادة الأعمال والابتكار: الشباب كرواد للتغيير

يتبنى الشباب اليوم مشاريع ريادية تراعي البعدين البيئي والاجتماعي، مثل الزراعة المستدامة والطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري. هذه المشاريع لا تساهم فقط في تعزيز الاقتصاد المحلي، بل تسهم أيضًا في تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة. وبفضل قدرتهم الفائقة على تبني التكنولوجيا، يبتكر الشباب حلولًا تقنية تلبي احتياجات مجتمعاتهم. من التطبيقات الذكية إلى المنصات الرقمية، يساهمون في تطوير أدوات تقلل من الفجوة الرقمية وتعزز التنمية المحلية. كما يدرك الشباب أهمية الحفاظ على كوكب الأرض كشرط أساسي لازدهار المجتمعات. من خلال مبادراتهم في إدارة النفايات، السياحة البيئية، وحماية الموارد الطبيعية، يساهمون في استدامة النظم البيئية المحلية

بناء مجتمعات شاملة وعادلة

يلعب الشباب دورًا محوريًا في بناء مجتمعات أكثر عدالة، حيث يتم توزيع الفرص بالتساوي. وقد برز هذا الدور خلال جائحة كوفيد-19، عندما سدوا الثغرات في الأنظمة الصحية والاجتماعية. يتبنى الشباب والمنظمات الشبابية قضايا الفئات الأكثر ضعفًا، مثل النساء وذوي الإعاقة، ويسعون لتمكينهم اقتصاديًا واجتماعيًا، مما يعزز من دورهم في المجتمع

برامج تدريب الشباب: جسر العبور نحو المستقبل

برامج تأهيل الرياديين الريفيين

نموذج بارز على هذه البرامج هو برنامج تدريب رواد الأعمال الريفيين في مجال الأغذية الزراعية في لبنان، والذي يقدم،تأهيلًا شاملًا في مجالات ريادة الأعمال الاجتماعية والخضراء ومعالجة الأغذية الزراعية

تدريبات متخصصة في التفكير التصميمي، ريادة الأعمال الريفية، والاقتصاد الأخضر

تطوير المهارات القيادية مثل المرونة، الثقافة المالية، وإدارة التوتر

برامج تمكين الشباب الريفي

هو منصة "الشباب في المناطق الريفية" التابعة للاتحاد الأوروبي تقدم إطارًا متكاملًا لتمكين الشباب الريفي من خلال تعزيز الحوار وتبادل المعرفة بين الشباب

عرض قصص نجاح ملهمة لتشجيع الآخرين على الابتكار

دعم ريادة الأعمال والابتكار في المناطق الريفية

قصص نجاح لبنانية: إرادة التحدي والتميز

رغم الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يمر بها لبنان، يواصل الشباب تقديم نماذج ملهمة للمبادرات التنموية، مثل المبادرات السياحية البيئية: في مناطق مثل جنوب جبل لبنان والبقاع، حيث ساهمت هذه المبادرات في تنشيط الاقتصاد المحلي

مشاريع زراعية مستدامة: تركز على الاقتصاد الدائري وإدارة النفايات، مما يعزز كفاءة استخدام الموارد

تمكين المرأة وذوي الإعاقة: من خلال برامج تدريب وتمويل تستهدف الفئات المهمشة في المناطق الريفية

التحديات التي تواجه الشباب: معوقات يجب تجاوزها

التحديات التعليمية

نقص التمويل المخصص للتعليم، مما يؤثر على جودته

تدني مستوى التدريس ونقص المعلمين المؤهلين، حيث تشير التوقعات إلى الحاجة إلى 69 مليون معلم جديد بحلول عام 2030

التحديات الاقتصادية والاجتماعية

البطالة: نتيجة الركود الاقتصادي والظروف السياسية، مما يعيق اندماج الشباب في سوق العمل

نقص البنية التحتية: خاصة في المناطق الريفية، حيث يعاني الشباب من محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية

الهجرة من الريف: بسبب قلة الفرص التعليمية والمهنية، مما يفرغ المناطق الريفية من طاقاتها الشابة

آليات دعم الشباب: شراكات استراتيجية بين الحكومة والمجتمع المدني

تطوير البنية التحتية

يمكن تطوير البنية التحتية من خلال تحسين الخدمات الأساسية في المناطق الريفية، بما في ذلك التعليم، النقل، والاتصال الرقمي. ووضع سياسات تدعم الشباب في مجالات البنية التحتية والخدمات الاجتماعية

برامج التمكين والتدريب

يمكن تصميم برامج تدريبية متخصصة تركز على المهارات المطلوبة في سوق العمل. كما توفير التمويل والإرشاد للشباب، خاصة في ريادة الأعمال

تعزيز المشاركة المجتمعية

العمل على تشجيع الشباب على التطوع في مبادرات تعزز مهاراتهم الاجتماعية والشخصية. وكذلك بناء شراكات بين الحكومة والمجتمع المدني لدعم المبادرات الشبابية

رؤية مستقبلية: نحو تمكين الشباب وبناء المجتمعات

الشباب ليسوا مجرد مستقبل المجتمع، بل حاضرها النابض بالحياة وطاقتها المتجددة. إن استثمار طاقاتهم وتوجيهها بشكل صحيح هو استثمار في رأس المال البشري الذي يُعد أغلى ما تملكه المجتمعات.يمثل الشباب شريان الحياة الذي يمكن أن يحول المجتمعات إلى مراكز إنتاج وابتكار ولا سيما في المناطق الريفية. إن دعمهم ليس عملاً خيرياً، بل استراتيجية لبناء مجتمعات قوية وقادرة على مواجهة التحديات

الشباب كالنهر الجاري، إذا وُجدت له المنابع والروافد، تحوّل إلى قوة دافعة تُنير الظلام وتُحيي الأرض. فلنعمل جميعًا—حكومة ومجتمعًا مدنيًا—على أن نكون تلك المنابع التي تمد أنهار الشباب بما تحتاجه، ليصبحوا طاقة لا تنضب تدفع عجلة التنمية، وتبني مستقبلًا أكثر إشراقًا لنا جميعًا