هل يَنجحُ الجَبَانُ بإنقاذِ وطنِهِ؟
د. ليون سيوفي – باحث وكاتب سياسي
EYE Contact لموقع
هل يَنجحُ الجَبَانُ بإنقاذِ وطنِهِ؟
وهل تُنقَذُ الأوطانُ بالشِّعاراتِ الرَّنّانةِ والخُطَبِ المُنمَّقة؟
وهل يمكنُ لِمن أوصَلَ البلادَ إلى الهَلاكِ أن يُعيدَ إليها الحياة؟
أسئلةٌ موجعةٌ، لكنها تمثّلُ المرآةَ الصافيةَ لواقعٍ لبنانيٍّ مُتعبٍ، تكسَّرت على أطرافه القِيَم، وضاعت فيه البوصلة بين الخوفِ والوَهم
لقد تَحوّلَ الجُبنُ في لبنانَ وفي الوطن العربي إلى مذهبٍ سياسيٍّ قائمٍ بذاتِه.
فالمسؤولُ يخافُ من قولِ الحقيقةِ كي لا يخسرَ موقعَه، والمواطنُ يخافُ من رفعِ صوتِه كي لا يُتَّهَمَ بالتمرّد، والإعلاميُّ يخافُ من الحقيقةِ كي لا يُمنَعَ من البثّ
وهكذا صار الخوفُ نظامَ حكمٍ غيرَ مُعلَن، يتوارثُهُ الجميعُ وكأنّهُ ميثاقٌ وطنيٌّ جديد
أما الشِّعاراتُ، فحدِّثْ ولا حَرَج...كلُّ مرحلةٍ لها أناشيدُها ومصطلحاتُها: “الإنقاذ”، “الإصلاح”، “العبور إلى الدولة”، و”خطة النهوض”… وكلّها وعودٌ معلّبةٌ لا تملكُ من الحقيقةِ سوى صوتِها العالي
الشِّعارُ في لبنانَ لا يُطلَقُ لِيبني دولة، بل ليُخدّرَ شعباً
ولأنّنا صدّقنا الوهمَ مراراً، صرنا نعيشُ اليومَ على أطلالِ الوعودِ وكأنّها منجزات
ثمّ نأتي إلى السؤالِ الأخطر... هل يُنقَذُ لبنانُ على يدِ من أوصلوهُ إلى ما هو عليه اليوم؟
كيف يُمكنُ لمَن شاركَ في النهبِ، والتواطؤ، وطمسِ الحقائقِ، أن يتحوّلَ فجأةً إلى مُخلِّصٍ؟
الذين باعوا الوطنَ في أسواقِ الصفقاتِ لا يمكنُهم أن يُعيدوا إليه كرامتَه، لأنّ فاقدَ الشَّرفِ لا يُعطيه
وفي خلفيّةِ هذا المشهدِ، يتراءى الفقرُ والبطالةُ كوحشَين صامتَين ينهشان جسدَ الوطن
شبابُ لبنانَ، الذين كانوا يوماً رصيدَ العلمِ والإبداع، باتوا اليومَ رصيدَ مطاراتٍ ومرافئَ تُخرِجُهم ولا تُعيدُهم
جيلٌ كاملٌ وُلِدَ في زمنِ الفسادِ ويعيشُ اليومَ في زمنِ اللامستقبل، بين أبوابِ السفاراتِ ومراكبِ الهجرة
إلى متى يبقى لبنانُ دولةً تُدارُ من وراءِ الستائرِ وتُنهَبُ باسمِ الطوائف؟
إلى متى يبقى المواطنُ مادةً انتخابيّةً تُستعمَلُ كلَّ أربعِ سنواتٍ ثم تُرمى في الصندوقِ مع وعودٍ منتهيةِ الصلاحية؟
لبنانُ لن يُنقَذَ بالجبناء، ولا بالشعارات، ولا بالمنافقين الذين بدّلوا الأقنعةَ ولم يبدّلوا النهج
لن يُنقَذَ إلّا عندما يُقرّرُ الشعبُ أن يكونَ هو القائدَ، لا التابع
حينها فقط، يُبعَثُ الوطنُ من رمادِه، وتُكتبُ على جبينِهِ عبارةٌ واحدة
هنا وُجدَ لبنانُ لأنّ أبناءَهُ قرّروا أن لا يخافوا بعد اليوم
